الأحد، 27 فبراير 2011

مروان و الفلاش ديسك

حكى لي مروان انه احتاج يوما لــ" فلاش ديسك " فقصد احد معارفه المدعو " يوسف" فلبى له مقصده و ذهبا سوية لمسكن يوسف.
ملاحظة على الهامش : إن كان للتأتأة أن تتجسد و يراها الناس في إنسان يتحرك ، فلا يكون ذاك الإنسان إلا يوسف هذا....لم أر و لم أقابل في حياتي مخلوقا يتأتئ مثله ،،، تخاله و هو يجاهد في اخراج الحرف حفارا بفأس في حائط من الأسمنت المسلح .
قال مروان "ذهبت و يوسف و حين وصلنا العمارة ذات الخمسة عشرة طابقا حيث كان بيت يوسف في الطابق الأخير..... "
أردت أن استوقف مروان لأسأله عن مكان العمارة هذه و لكني عدلت عن نيتي خشية أن ينحى الحديث منحى آخر لا آمن عواقبه !!!  لأن صديقي العزيز مروان من فصيلة الببغاوات ، فلو أنني سألته  مثلا عن مكان وجود العمارة هذه لكان وصفها لي بالتفصيل المقزز و عرّج على أنها تقع بجانب مدرسة فلان الفلاني و أن ابنة أخته الصغرى تدرس بها ثم يستطرد كيف أن مدير هذه المدرسة نجا بأعجوبة من يد الإرهابيين و أن بن لادن قد هدد الأفغانيين وووووووو.... ويُرفع أذان العشاء و لا يكمل لي حكاية الفلاش ديسك. لذا تركته على سجيته.
قال :" كنت في اشد الحاجة لهذا "الفلاش ديسك"  لذا و برغم تعطل المصعد إلا أني وافقت الصعود معه إلى الطابق الأخير و بينما نحن ننتقل من طابق إلى آخر أعلى ، و الأنفاس في صعود و نزول ،، و العرق يتصبب ... كان يوسف يجاهد بعسر ما بعده عسر ليتكلم
-         مررررر .... يا مممممممرررر
-         هيا يا يوسف !!!!! اصعد و لا داعي للكلام ،،، أعطني  الفلاش و بعدها  نجلس في المقهى و احكي ما بدا لك.
كنت أهرول ويوسف ورائي يلهث محاولا النطق ،، صعدنا قرابة العشرة طوابق و لم أسمع منه إلا حرفي الميم و الراء ،، أظنه كان ينوي مناداتي "مروان ".
-         يا مممممرو ....مممم !!!
-         أتركك من الكلام ،،، هيا لتعطيني الفلاش و بعدها لنا كلام.
بعد لأي وجهد ومشقة ،، وصلنا أمام باب مسكنه ،، توقفت لألتقط أنفاسي بينما اتخذ يوسف وضعية الركوع من شدة التعب و هو يلهث ، ثم اعتدل و هو يبتسم و قال :
" ممممممرررر...مررروان ... نسسسيت الممممممفتاح عند البقال بجانب المقهى "
لم أصدق ما سمعت ،اسودت الأجواء أمامي ، وقف شعر رأسي ، و من شدة فظاعة قوله لم اترك أي كلمة نابية بذيئة من قاموسي الثري إلا و قلتها له ،،، سببته ، لعنته و أهله و قبيلته ....فكيف تمكن من أن يتركني أتسلق هذه العمارة الجبل و في آخر المطاف يقول لي أنه نسي المفتاح ؟
سحبته من رقبته و عدنا أدراجنا ،، ننزل العمارة طابقا طابقا و أنا استشيط غضبا ،، و هو يبتسم !!!   كأن لاشيء قد حدث ولا زالت الدنيا بخير و السماء زرقاء و العصافير تزقزق ..... وكان الوغد الحقير  يحاول قول شيء.. مرة أخرى !!!
-         دققق... دقييق.
-         أغلق فمك !!!!  لا دقيق  و لا سميد !!!!  أتريد أن تخرجني من عقلي...لماذا لم تقل ذلك منذ البداية يا أحمق؟
-         دقيقة يا مممممممممرر
-         قلت لك أغلق فمك يا حمار .... هيا جيب المفتاح !!!
كان يريد أن يتكلم و لكنني لم أكن أطيق سماع صوته ، ماسكا بيده كنت أجرجره ورائي... ومن الطابق الخامس عشرة إلى غاية  الباب الخارجي و هو غارق في دقدقته و تأتأته .
قلت : هيا اذهب إلى البقال و آتي بالمفتاح . الآن !!!..حالا بالا !!!
قال و قد وضع يده في جيبه " أيا صاحبي ... أأأأألا تتتعرف المزاح أنت أبدا؟؟؟؟ كككنت أمزح فقط " و أخرج المفتاح.
كان باب العمارة حديديا ، استدرت نحوه و بدأت اخبط رأسي بكل ما أوتيت من قوة و الدماء تتطاير و...."

استوقفت صديقي مروان عند سماعي كلمة "دم"، لأني اعلم انه من عشاق المبالغات المبالغ فيها …. و أنه مستحيل أن يضرب رأسه و لو بمشط من ورق ،، جبان جدا صديقي مروان.
و قلت : " من تحمل صعود خمسة عشرة طابق طمعا في "فلاش ديسك " تافه  ، عليه أن يتحمل تأتأة المتأتئين".
Share:

الجمعة، 25 فبراير 2011

كيف ترغب ان يتذكرك الآخرون ؟

ها قد جاء دورك ،، ذقت الموت وهاهم سيوارونك التراب.
ما الذي سيبقى عالقا في أذهانهم ؟
الطريقة التي متّ بها أم التي عشت بها ؟

مضى ما يفوق المائة سنة ،، فتح رجل  صحيفة وراح يقرأ و إذا به يصعق لهول ما قرأ ،، إسمه مدون بصفحة الوفيات. لقد أعلنت الجريدة  موته  عن طريق الخطأ و كان وقع الخبر عليه  وقع الصدمة  فراح يتساءل " هل أنا هنا أم هناك ؟ " هل أنا ميت أم لا زلت حيا أرزق ؟.... بعد استعادة هدوئه فكر في أن يسبر آراء الناس حول وفاته. فكانت عبارات التعليق متشابهة "مات ملك الديناميت " أو " تاجر الموت يفارق الحياة ".
كان هذا الرجل هو مخترع الديناميت  و لكنه عند قراءته عبارة " تاجر الموت "  تساءل " أبهذه العبارات سوف يتذكرني الناس ؟؟؟  هل سيبقى اسمي مقترنا بالموت يتعوذ منه كل إنسان ؟؟؟؟ " إحساس غريب انتابه و قرر أن يغير نظرة الناس له و أنه لا يرغب أن تكون ذكراه مرة المذاق في عرف الأحياء .
من يومه ذاك فصاعدا قرر أن يجعل السلام هدفه ،، أن يشجع كل طريق وجهتها السلام و ما يقرب له.... كان ذاك الرجل ألفرد نوبل مؤسس جائزة نوبل الشهيرة.
هل حدث و أن فكر الواحد منا ،،، مثلما فكر نوبل ...عما سيخلفه موتنا من ذكرى لدى الأحياء.؟ ماذا سيقولون ،،، حبيبا افتقدناه ،،، أم غمة و انزاحت ؟؟؟؟ هل سيتذكروننا بحب و مودة أم  باحتقار و تشفّ؟ هل سيكون موتنا ضياع بنفسجة أم إصبع ديناميت ؟



Share:

صوّت للمدونة

لقد تم ترشيح مدونة - يوميات الوجع و الحنين – للدور الثاني ضمن مسابقة ارابيسك ... و هذا بفضل قرائها الأعزاء الذين نتقدم إليهم بالشكر الجزيل و نطلب منهم إن كانوا يروا في مادتها اهلا للإستزادة و العطاء ان يصوتوا لها عبر الموقع المذكور. و التصويت متواصل إلى غاية نهاية شهر فيفري الحالي.

للتصويت اذهب لصفحة المدونات المرشحة، سجل دخولك من القائمة الجانبية باستخدام حسابك بجوجل أو ياهو أو تويتر أو أي ملف مدمج بخدمة تواصل جوجل.بعد ذلك تصفح المدونات عن طريق اختيار التصنيفات.

مدونة -  يوميات الوجع و الحنين -   مصنفة ضمن  المدونات الشخصية و هي في الصفحة14 .

تحياتي و شكري لكل من صوت للمدونة ،، و آمل ان احضى بتعاليقكم حول ما ترونه من تقصير او عيب في المدونة
Share:

الأربعاء، 23 فبراير 2011

حافظ على شمعتك

في قديم الزمان كان اليابانيون  في تحركاتهم الليلية  يستعملون فوانيسا مصنوعة من الخيزران يشعلون بداخلها  شموعا...
 
يحكى أن رجلا أعمى زار صديقه و حين مغادرته ليلا ، عرض عليه الصديق ان يحمل فانوسا هو كذلك فكان رد الأعمى " انا لا أحتاج فانوسا ،، سيان عندي أن امشي في الظلمة أو النور....الليل و النهار شيء واحد "

" أنا اعلم أنك لست في حاجة إلى فانوس " رد الصديق " ولكن بدونه أنت معرض لأن يدهسك أحدهم في طريقه... لذا يجب ان تحمل واحدا حتى يراك الناس ليلا"
اقتنع الأعمى بحجة صديقه ،، و حمل فانوسا  مثله مثل غيره ،،،و في ليلة ظلماء كان يمشي و إذا بأحدهم يرفسه رفسا فصاح  في وجهه " الا ترى اين تمشي ؟؟؟"  و أردف " هل انت أعمى ، الا ترى الفانوس ؟ "
رد الغريب : " لقد انطفأت شمعتك ،،، يا أخي "
Share:

اوتار القيثار

طرق الوفاء متعددة ،، المشكلة تكمن في قلة أو عدم وجود من هو أهل للوفاء.
   كان لأحد جيراني صديق و كان لهما قيثار اشترياه مناصفة ، يعزفان أو يخربشان عليه بين الحين و الحين. مات الصديق فقام جاري بتعليق قيثاره على حائط غرفته ، و لم يلمسه من يومها ،، هاهي ذي قصة قديمة  من الصين تصب في نفس المصب.

في الصين القديمة ،، كان هناك صديقان حميمان ،، أحدها عازف ماهر بالقيثار و الآخر مستمع أكثر مهارة.
إذا ما عزف العازف لحنا جميلا عن جبل ،، تجاوب الآخر قائلا " إني أرى الجبل شامخا قبالتي !!!"
 
و إذا ما كان اللحن عن ماء يجري صاح الآخر " إني اسمع خرير الماء بالجدول المنساب هنا !!! "
و لكن الأيام لا تديم الود دائما ،،،، سقط المستمع مريضا و مات.... أصيب العازف بإحباط و قطّع أوتار قيثاره و توقف عن العزف.
منذ ذلك الوقت أصبح تقطيع أوتار القيثار إشارة للصداقة الحميمة.
فهل يا ترى هناك من هو أهل لأن نقطع أوتار قيثارنا من أجله و نحرم أنفسنا لذة الطرب و تشنيف أسماعنا بأعذب الألحان ؟ أم أن وقتنا هذا هو وقت النفاق و الشقاق و الضحك ملء الأشداق و القلوب سواد صريم أو كما قال الحكيم سيدي عبد الرحمن المجذوب :
 قرن الربعطاش يا الغدار.......يا الكاثرة فيك الدعـــــــاوي
 الســــــن تضحك للســــن ....... والقلب من الأيمان خاوي


Share:

الثلاثاء، 22 فبراير 2011

ثمن الساعة الواحدة

******

******

    لكل والد مع أبنائه مواقف ،، منها المبكي و أكثرها مضحكا و منها ما تستخرج منه العبر ، و قد سبق لي أن أدرجت  قصصا عن الأبناء و الآباء  مثل تلك القصة عن حقيقة الغنى و قصة الوالد الصبور .... و هاهي ذي اليوم قصة أخرى.
                                                                                  ****
عاد إلى بيته مساء  بعد يوم شاق و قد أخذ منه التعب كل مأخذ... عند الباب قابله أصغر أبنائه البالغ من العمر خمس سنين .
الإبن : أبي ، هل لي أن اسألك ،، سؤالا واحدا ؟
الأب : بالطبع يا ولدي.. ما السؤال ؟
الإبن : كم تتقاضى مقابل الساعة الواحدة يا أبي؟
رد الأب بغضب  " هذا لا يعنيك ،، ما دخلك أنت وما أتقاضى ؟
الإبن : مجرد حب معرفة يا أبي .. ارجوك  قل لي يا أبي ،، كم تتقاضى مقابل الساعة الواحدة ؟
الأب : ما دمت حريصا... 800 دينار للساعة .
 "أوو !!! "  رد الإبن مطأطئا رأسه و كأنه أصيب بخيبة ،، ثم رفع رأسه و قال :
" أبي ... هل لك أن تقرضني 200 دينار ؟
كاد الأب ينفجر غضبا لسماعه ذلك و صاح في وجه ابنه " هيا !!!!اغرب عن وجهي.. إن كان سبب  كل اسئلتك التافهة هذه  هو مجرد طلب  الدراهم لتبعثرها على حلويات و ألعاب تافهة ، فاحسن  لك أن لا تريني وجهك  اللحظة ...أنا اشقى و اتعب طوال النهار و انت تقابلني بتفاهاتك !!!!!!

خرس  الإبن ،، طأطأ رأسه واتجه إلى غرفته و غلق الباب.
جلس الأب و الغضب يتطاير شررا من عينيه ،،، ما دهاه هذا الولد ؟؟؟ يسألني اسئلة غريبة لا لسبب إلا طلب المال ؟؟.
بعد قرابة الساعة ... و بعدما أخذ الأب قسطا من الراحة.. قال في نفسه: " اظنني كنت قاسيا مع الولد ،،فلربما كان في حاجة ماسة لما طلب ،، ليس من عادته ان يطلب مني ذلك  ومن الممكن انه يريد شراء شيئ ذي قيمة.
ذهب إلى غرفة الطفل ، فتح الباب  و سأل " هل نمت ، يا ولدي ؟
" لا يا أبي " رد الإبن.
"  لقد فكرت .. ربما كنت قاسيا عليك يا بني " ثم اردف " اسمحلي يا بني ،، لقد كان اليوم شاقا و لم أتمالك نفسي... هي ذي المائتي دينار التي طلبت "
قفز الولد من مكانه واقفا ،، مبتسما  و صاح " أوو ،، شكرا لك يا ابي !! "
ثم ارتمى تحت سريره ، اخرج علبة و أفرغ محتواها  على سريره ، كانت وريقات منكمشة وبعض القطع النقدية و بدا يعد. عند رؤيته ذلك ، استشاط الأب غضبا من جديد  وصاح في وجهه "  كيف تجرأت على  طلب المال و عندك كل هذه النقود ؟
رد الإبن :"  لأنه لم يكن لدي ما يكفي ،، أما الآن فنعم " و أردف "  أبي !!! لدي الآن 800 دينار ... هل  لك أن تبيعني ساعة  واحدة من وقتك ؟  أرجوك يا أبي عد باكرا غدا ،، اريدك أن تتناول العشاء معنا .

******
ابعث هذه القصة لمن تحبهم ، و أحسن من  ذلك خصص وقتا تقضيه مع من يحبوك.
لا تجعل هم الرزق و التكالب على الربح المادي ينسيك قلوبا  تحبك ،  قلوبا غضة لا تطمع إلى في سويعة أو دقائق تتملى فيها وجهك.
إنك إن مت غدا  فسرعان ما ستلجأ المؤسسة التي تشقى بها أن تستبدلك بآخر ، لن يتعدى ذلك أياما معدودات ،، أما أهلك ،، جيرانك ، عائلتك و من تحيى بين ظهرانيهم ،، فغيابك سييشق شرخا في احاسيسهم لا يندمل ما بقوا أحياءا.
أحرى بك أن توازن ... و لا يلهينك هم الفاني عمن تحبهم و يحبونك.

Share:

الرجال مواقف

هذا موقف من مواقف البطولة  التي يزخر بها تاريخنا ..و البطولة أنواع اقلها قولة حق أمام من تخشاه  أو من ترجوه... و قد تحدثت في تدوينة سابقة عن رجال لا يهمم متى يموتون فلو قيل لهم  غدا ما كان بوسعهم أن يزيدوا على ما هم عليه من عبادة و استقامة...... و رجلنا هذا ،، صاحب القصة هذه  ... قمة شامخة من هؤلاء.
 لما قدِم هشام  بن عبد الملك البيت الحرام قال لخاصَّة أهله : التمسوا لنا صحابيا من أصحاب رسول الله ، قالوا له : إن الصحابة قد تلاحقوا بربهم واحدا إِثرَ آخر ، حتى لم يبق منهم أحد .
 في عهد  الخليفة هشام بن عبد الملك لم يبقَ من أصحاب النبي أحدٌ ، قال : إذًا فمن التابعين.
  أوتيَ له بأحد التابعين ،  فلما دخل عليه خلع نعليه بحاشية بساطـه ، وسلَّم عليه من غير أن يدعوَه بأمير المؤمنين ، وخاطبه باسمه دون أن يكنيه ، وجلس قبل أن يأذن له بالجلوس ، فاستشاط هشامُ غضبا حتى بدا الغيظُ في عينيه .
 قال : ويحك ، ما حملك على ما صنعت ؟
 قال : وماذا صنعت ؟
 فقال الخليفة : خلعت نعليك بحاشية بساطي ، ولم تسلِّم عليَّ بإمرة المؤمنين ، وسمَّيتني باسمي ، ولم تكنِّني ، ثم جلستَ من غير إذني .
 فقال التابعي بهدوء : أما خلعُ نعليَّ بحاشية بساطك فأنا أخلعها بين يدي رب العزة كل يوم خمس مرات في المسجد ، فلا يعاتبني ربي ، ولا يغضب عليَّ ، وأما قولك : إني لم أسلِّم عليك بإمرة المؤمنين فلأن جميع المؤمنين ليسوا راضين بإمرتك ، وقد خشيتُ أن أكون كاذبا إذا دعوتُك بأمير المؤمنين ، وأما ما أخذته عليَّ من أني ناديتك باسمك ، ولم أُكنِّك ، فإن الله عزوجل نادى أنبياءه بأسمائهم ، يا داوود ، يا يحيى  يا عيسى ، وكنى أعداءه بألقابهم ، قال :
تبّت يدا أبي لهب و تب -1-   [سورة المسد]
هل هناك أوضح من هذا ، أما قولك : إني جلست قبل أن تأذن لي ، فإني سمعت أمير المؤمنين عليَّ بن أبي طالب يقول : إذا أردتَ أن تنظر لرجل من أهل النار فانظر إلى رجل وحوله قوم قيام بين يديه " ، فكرهتُ أن تكون أنت ذلك الرجل ، رأسا جلست ، فأطرق هشامُ إلى الأرض خجلا ، ثم رفع رأسه وطلب منه أن يعظه .
 قال : إني سمعتُ عليَّ بن أبي طالب رضي الله عنه يقول : إن في جهنم حيَّاتٍ كالقلال ، وعقارب كالبغال ، تلدغ كلَّ راعٍ لا يعدل في رعيته ، ثم قام وانصرف ".
كان ذاك التابعي : طاووس بن كيسان . عبد لا يخاف في الله لومة لائم ، مخلص ، وصادق ، ويبتغي وجهَ الله تقع هذه الكلمات موقعا حسنا في نفوس الخلفاء .... الإنسان الصادق يخرج الصدق من قلبه على لسانه  فيجعل اللهُ عزوجل لكلامه تأثيرا .
Share:

الاثنين، 21 فبراير 2011

قصة الأعمى


الجنون كل الجنون أن تنتهج نفس الطريق و في نيتك بلوغ مقصد مغاير، حاول جهدك التصدي لمشكلتك بترو و تأن و إذا لم يسعفك الحل قم بتغيير استراتجيتك ، غير نظرتك للمشكلة ، جرب حلا مغايرا و ستجني الثمرة بعد حين، أما إن ركبت رأسك و تشبثت بحبل الغباوة بانتهاج نفس الطريق فلا عجب أن يصدك الحائط وتحصل على نفس نتيجتك المخيبة .. وهذا ما ستعبر عنه قصة الأعمى هذه.


متسول أعمى  يجلس على قارعة الطريق  مفردا قبعته طامعا في تبرعات المارة وإلى جانبه لوحة مكتوبا عليها :
"ساعدوا أخاكم الأعمى. "
يمر رجل إعلانات ، يتوقف ليلاحظ المشهد حيث كانت القبعة شبه فارغة يضع بها بعض الدريهمات دون علم الأعمى و يرفع اللوحة ليخط بها عبارة غير التي كانت فيها ثم يواصل طريقه.


 بعد لحظات يحس الأعمى أن وقع الخطى قد ازداد و كثر المتبرعون و أن القبعة قد امتلأت ...  يستغرب ... يحس ان شيئا ما قد حدث... شيئا ما قد تغير.... يفكر و يشك أن التغيير قد حدث في اللوحة... يستوقف أحد المارة و يطلب منه أن يقرأ له ما المكتوب  و يكون الرد :
 " الفصل فصل ربيع  و لكنني لا أستطيع التمتع بجماله ."

Share:

الاثنين، 14 فبراير 2011

تعليم الحصان الطيران

يعتبرالانشغال و الهم بما هو آت  من الرعونات...لانك كلما انشغلت بامر لم يحن وقته لن تجني إلا تعكير صفو حاضرك و لن يطالك من الآتي شيء ما دام لم يأت بعد
لذا قال الشاعر:  دع المقادير تجري في اعنتها   ولا تبيتن الا خالي البال
                    فما بين اغماضة عين وافاقتها    يغير الله من حال الى حال.

 غير أنه توجد استثناءات وهذه القصة المدرجة تصب في خانة الإستثناء، حيث يحكى عن ملك حكم بالاعدام على احد المواطنين ، وعند انتهائه من نطق الحكم صاح المواطن:
" أنا أعلم ان جلالتك انسان حكيم يقدر الحكمة حيث كانت و يحرص على الاعتناء باصحابها ، واني احترم كل ما تتفوهون به من جواهر الكلام و درر الحكمة غير أنني احرص على اخباركم انني حينما كنت طفلا علمني جدي علما لا اظن ان احدا غيري يجيده في مملكتك ،، وإذا قتلتني فستقتل علما قائما امامك ".
"وما حقيقة هذا العلم  ؟ " سأل الملك.
" علمني جدي كيف أجعل حصانا ابيضا يطير "
في الحين امر الملك ان يُحضر حصان ابيض.
قال المواطن :" احتاج  لعامين لأدربه ".
" حسن ، لك عامان ..." قال الملك ذلك بارتياب " ولكن إذا لم يتعلم الحصان الطيران فسأقطعك قطعا و أهشم رأسك تهشيما ".
كاد المواطن يطير فرحا لسماعه ذلك وغادر المكان برفقته حصان ابيض جميل عليه أن يعلمه الطيران.
حين وصوله بيته وجد أهله وعائلته بانتظاره و الدموع تنهمر و الحزن باد عليهم.فصاحوا في وجهه :
"هل جننت ؟" ماذا أصابك ؟ كيف لك أن تجعل الحصان يطير ؟ ما هذا الجنون ؟.
رد عليهم بكل هدوء و طمأنينة :
" لا تخافوا.. لاتتعجلوا.. أولا : لم يسبق أبدا أن حاول إنسان تعليم حصان الطيران..برغم أن الحصان يستطيع التدرب و التعلم على القفز.
ثانيا : إن الملك شيخ كبير ومن المحتمل موته خلال العامين المقبلين.
ثالثا: من المحتمل كذلك أن يموت الحصان خلال العامين ، و عندها يكون الملك مجبرا أن يمدني بحصان آخر و مدة أخرى لتدريب الحصان الجديد ،،، كما لا تنسوا إمكانية قيام أي ثورة  أو انقلاب عسكري ومن ثم عفو شامل وأكون ممن يمسهم هذا العفو.
ولنفرض أن لا شيء مما ذكرته قد حدث ،، أليس جميل أن أستفيد من عامين إضافيين أعمل فيهما ما أحب و أعيشهما معكم؟... هل يظهر لكم هذا جنون ؟

Share:

الخميس، 10 فبراير 2011

هل أنت ممن يرمون بمواهبهم في المهملات ؟


    هناك قصص واقعية لا يمكن  نسيانها مهما مرّ الزمان و ذلك لصدقها و  عظم العبرة المستقاة منها.. و القصة التي سأدرجها اليوم تمثل عينة من هذه القصص.
**********
   كان يمثلان زوجين متحابين ، متواضعين يعيشان عيشة بالكاد على حدود الكفاف. الزوج يعمل طيلة النهار في معمل تبيض الملابس وما يجنيه ينفقه كلية على حاجيات البيت اليومية زيادة على الكراء.
  أما الزوجة فتعمل ليلا  لمساعدته في ذلك ، و من شدة فاقتهما كانا يتقشفان في المأكل بغية توفير المال لشراء دواء ابنهما.
كان الزوج عند عودته إلى البيت مساءا ، يقبع منهمكا في الكتابة ليقينه بأنه يملك موهبة في ذلك فكان يقضي الليالي الطوال في تسويد الأوراق لتحقيق حلمه.
-         كتابة رواية ناجحة !
كانت الزوجة تثق فيه ثقة عمياء، ولذلك لم تدخر جهدا في تشجيعه، وحينما انهى مخطوط روايته حملت بنفسها نسخا منه لإرسالها للناشرين.
وتبدأ رحلة الانتظار... الانتظار الثقيل اللامحتمل.. ثم الإحباط. ودائما كان نفس الرد:
" لا يوجد أدنى موهبة أدبية !! "
أو
" موضوع مستهلك ، لا يهم أحدا !! "
توالت رسائل الرفض تباعا ، ورغم محاولات الزوجة المتكررة إلا أن الرفض كان الحليف الوحيد ،إلى أن جاء بريد أحد الناشرين اللبقين و الذي برغم رفضه النشر إلا أن كلماته التشجيعية كان لها وقع إيجابي:
" استمر ، فإنك تمتلك موهبة ظاهرة "
كان هذا مضمون رسالة الناشر.
هاقد جاء التشجيع و من ثم التحفييزوانطلق الزوج في كتابة الروايات كالسيل الهادر، متشبعا بكلمات الناشر اللبق و التي كانت تشع أمام ناظريه  تشجيعا و تحفيزا.
كانت الزوجة إلى جانبه تشد أزره بإرسالها المخطوطات إلى العديد من الناشرين ، و لكن المخطوطات كانت تُرجع دائما رفقة كلمات الرفض السرمدية.
" و لكن !! الناشر اللبق شجعني معترفا بموهبتي ، أظن أنه سيقبل مخطوطي ".
حزمت الزوجة المخطوط و أرسلته إلى هذا الناشر صاحب عبارة التشجيع ، و قبعا ينتظران الرد على أمل . لم يتأخر الرد ، ومرة أخرى رفض مصحوب بكلمة تشجيع:
" موهبتك أكيدة ، عليك الاستمرار في عملك "
عند هذا الحد نف1 صبر الزوج وقرر التوقف عن هذا العبث ! فلم يعد يطيق التجرع من كأس الفشل المتكرر.
" لم يقبل أي ناشر مخطوطي ، برغم موهبتي المعترف بها . سأتوقف إذن ! "
حمل آخر مخطوطاته ورمى به في سلة المهملات متخذا قرار لا رجعة فيه بالتوقف عن الكتابة نهائيا و العودة إلى عمله الشقي في تبييض الملابس.
بينما غزا الإحباط نفس الزوج ودفعه إلى التوقف ، كانت الزوجة المؤمنة بموهبته على يقين راسخ أن الفرج قريب و أن يوم تجسيد موهبته لا محالة آت ، انتشلت المخطوط من سلة المهملات دون علمه ، و أرسلته إلى ناشر آخر.. و... المعجزة !!!!
أيام قليلة و يتلقى دعوة لإمضاء عقد نشر. و هكذا ، تحول المخطوط المنتشل من سلة المهملات إلى أكثر الكتب مبيعا على المستوى العالمي ، ليس هذا فحسب إنما حُوّل إلى فيلم يشاهده الملايين.
كان ذلك أول أكبر نجاح عالمي للكاتب ستيفن كينغ  تحت عنوان " كاري " والذي يمثل إنطلاقة كاتب عالمي سيصبح ملك كتابات الرعب.

أهم درس نستقيه من هذه القصة هو :
رغم ما سيواجهك من أحلك الظروف ، أمرّ المنغصات ، أعصى العقبات ، الرفض المتتالي  إياك ثم إياك أن تشك في موهبتك... آمن بحلمك و لا تتوقف ، إستمر و لا تلقي أبدا بموهبتك في سلة المهملات.

*********
إذا رغبت في قراءة رواية كاري يمكنك تحميلها من هنا

Share: