حكى لي مروان انه احتاج يوما لــ" فلاش ديسك " فقصد احد معارفه المدعو " يوسف" فلبى له مقصده و ذهبا سوية لمسكن يوسف.
ملاحظة على الهامش : إن كان للتأتأة أن تتجسد و يراها الناس في إنسان يتحرك ، فلا يكون ذاك الإنسان إلا يوسف هذا....لم أر و لم أقابل في حياتي مخلوقا يتأتئ مثله ،،، تخاله و هو يجاهد في اخراج الحرف حفارا بفأس في حائط من الأسمنت المسلح .
قال مروان "ذهبت و يوسف و حين وصلنا العمارة ذات الخمسة عشرة طابقا حيث كان بيت يوسف في الطابق الأخير..... "
أردت أن استوقف مروان لأسأله عن مكان العمارة هذه و لكني عدلت عن نيتي خشية أن ينحى الحديث منحى آخر لا آمن عواقبه !!! لأن صديقي العزيز مروان من فصيلة الببغاوات ، فلو أنني سألته مثلا عن مكان وجود العمارة هذه لكان وصفها لي بالتفصيل المقزز و عرّج على أنها تقع بجانب مدرسة فلان الفلاني و أن ابنة أخته الصغرى تدرس بها ثم يستطرد كيف أن مدير هذه المدرسة نجا بأعجوبة من يد الإرهابيين و أن بن لادن قد هدد الأفغانيين وووووووو.... ويُرفع أذان العشاء و لا يكمل لي حكاية الفلاش ديسك. لذا تركته على سجيته.
قال :" كنت في اشد الحاجة لهذا "الفلاش ديسك" لذا و برغم تعطل المصعد إلا أني وافقت الصعود معه إلى الطابق الأخير و بينما نحن ننتقل من طابق إلى آخر أعلى ، و الأنفاس في صعود و نزول ،، و العرق يتصبب ... كان يوسف يجاهد بعسر ما بعده عسر ليتكلم
- مررررر .... يا مممممممرررر
- هيا يا يوسف !!!!! اصعد و لا داعي للكلام ،،، أعطني الفلاش و بعدها نجلس في المقهى و احكي ما بدا لك.
كنت أهرول ويوسف ورائي يلهث محاولا النطق ،، صعدنا قرابة العشرة طوابق و لم أسمع منه إلا حرفي الميم و الراء ،، أظنه كان ينوي مناداتي "مروان ".
- يا مممممرو ....مممم !!!
- أتركك من الكلام ،،، هيا لتعطيني الفلاش و بعدها لنا كلام.
بعد لأي وجهد ومشقة ،، وصلنا أمام باب مسكنه ،، توقفت لألتقط أنفاسي بينما اتخذ يوسف وضعية الركوع من شدة التعب و هو يلهث ، ثم اعتدل و هو يبتسم و قال :
" ممممممرررر...مررروان ... نسسسيت الممممممفتاح عند البقال بجانب المقهى "
لم أصدق ما سمعت ،اسودت الأجواء أمامي ، وقف شعر رأسي ، و من شدة فظاعة قوله لم اترك أي كلمة نابية بذيئة من قاموسي الثري إلا و قلتها له ،،، سببته ، لعنته و أهله و قبيلته ....فكيف تمكن من أن يتركني أتسلق هذه العمارة الجبل و في آخر المطاف يقول لي أنه نسي المفتاح ؟
سحبته من رقبته و عدنا أدراجنا ،، ننزل العمارة طابقا طابقا و أنا استشيط غضبا ،، و هو يبتسم !!! كأن لاشيء قد حدث ولا زالت الدنيا بخير و السماء زرقاء و العصافير تزقزق ..... وكان الوغد الحقير يحاول قول شيء.. مرة أخرى !!!
- دققق... دقييق.
- أغلق فمك !!!! لا دقيق و لا سميد !!!! أتريد أن تخرجني من عقلي...لماذا لم تقل ذلك منذ البداية يا أحمق؟
- دقيقة يا مممممممممرر
- قلت لك أغلق فمك يا حمار .... هيا جيب المفتاح !!!
كان يريد أن يتكلم و لكنني لم أكن أطيق سماع صوته ، ماسكا بيده كنت أجرجره ورائي... ومن الطابق الخامس عشرة إلى غاية الباب الخارجي و هو غارق في دقدقته و تأتأته .
قلت : هيا اذهب إلى البقال و آتي بالمفتاح . الآن !!!..حالا بالا !!!
قال و قد وضع يده في جيبه " أيا صاحبي ... أأأأألا تتتعرف المزاح أنت أبدا؟؟؟؟ كككنت أمزح فقط " و أخرج المفتاح.
كان باب العمارة حديديا ، استدرت نحوه و بدأت اخبط رأسي بكل ما أوتيت من قوة و الدماء تتطاير و...."
استوقفت صديقي مروان عند سماعي كلمة "دم"، لأني اعلم انه من عشاق المبالغات المبالغ فيها …. و أنه مستحيل أن يضرب رأسه و لو بمشط من ورق ،، جبان جدا صديقي مروان.
و قلت : " من تحمل صعود خمسة عشرة طابق طمعا في "فلاش ديسك " تافه ، عليه أن يتحمل تأتأة المتأتئين".