الثلاثاء، 31 يوليو 2012

السكير


ــــــــــــــــــــــــــــــــ

 يعود الزوج السكير  إلى بيته ثملا، لا يكاد يثبت واقفا من شدة الثمالة، يدخل البيت يكسرما أمكنه من أواني ، وكخاتمة لحملة التكسير تلك يتقيأ على أرضية المطبخ ثم يسقط نائما. تأتي الزوجة ،تسحبه نحو غرفة النوم، تلملم بقايا الأواني المكسرة و تنظف ما أمكنها تنظيفه. 
في صبيحة اليوم التالي ، يفيق الزوج ، يقبع على سريره منتظرا معركة  اللغط و اللوم و التوبيخ المعتادة من زوجته ، يدعو الله أن تمر الحمله بخير مستعدا على أن لا يجاريها فيما تقوله، و أنه سيسكت و يتركها تصرخ كعادتها.
قيع في مكانه ينتظر ، غير أنها لم تأت، قام من مكانه و اتجه صوب المطبخ و إذا به يفاجأ بورقة صغيرة ملصقة بباب الثلاجة مكتوب عليها "زوجي العزيز .. فطورك المفضل جاهز على الطاولة ،اضطررت للخروج مبكرا  لشراء بعض الحاجيات... سأعود حالا بعد اتمام الشراء ، انتظرني ...أحبك. ... "
أصيب بالدهشة ، لم يصدق، سأل ابنه ..، 'ماذا  حدث الليلة البارحة ..؟
قال الابن: " لاشئ  غير أنها عندما سحبتك ووضعتك فوق السرير، وحاولت خلع قميصك الذي كان ملطخا بقيئك ، صرخت في وجهها و أنت غائب عن وعيك " اسمعي يا أنت.. ابتعدي عني و لا تحاولي ...فأنا رجل متزوج و أحب زوجتي ...فلا تتعبي نفسك "
Share:

الأربعاء، 18 يوليو 2012

حينما غزاني الصدأ

في قمة سعادتي و انهماكي بالمحادثة عبر هذا الفايسبوك، انقطعت الكهرباء...تكورت عبرة في حلقي...كتمت غيضي ...تمالكت نفسي و من حسن الحظ أن لا زوجة كانت بجانبي و لا ولد و إلا كنت أفرغت  عليهم ما بجعبتي من نار محرقة .
خرجت أمشي ريثما تعود الكهرباء، كنت بين الفينة و الفينة أسال من أقابل عن عودتها و لم أشعر إلا و أنا في الطريق المؤدي إلى المقبرة ...واصلت سيري...مررت على المقبرة ...سلمت على الموتى و قلت :" أنتم السابقون و نحن اللاحقون"..لازالت العبرة في حلقي...ظهرت لي قرية الكواملية* مبسوطة على رابية هناك...قلت لأواصل سيري وأزور جدي ...مضى أكثر من اسبوع على آخر مرة زرته فيها.
صعدت التلة...دخلت البستان القاحل حيث لم يبق من  هاتيك الجنة سوى  هياكل اشجار اللوز و الرمان مشرئبة تلعن ايادي الإهمال و التسيب... وحده التين البري يحف البستان سانا أشواكه يحرس جدي.
جدي هناك منحن يلف حبلا بقائمة عنزته، رآني...قام واقفا .
- أي حمار مات من جهتكم؟**
- السلام عليكم جدي.
أسرعت إليه ..قبلت رأسه... وقلت : قادتني أياد القدر إليك جدي.
إبتسم جدي، إنه يحب مثل هذه العبارات.. ربت على كتفي و قال: هات ما عندك.
- اشتقت إليك فزرتك، ليس هناك ما يستدعي التساؤل يا جدي...
جلس جدي وشدني اليه ..."أراك مهموما، شاردا "
لم أكن كذلك ولكنني احسست بالفعل بالهم و الشرود... أحسست بالضياع في تلك اللحظة ...لم أحر جوابا.
قال جدي: "إسمع يا ولد...على قدر همتك تُعطى..."
قلت في نفسي " ها قد بدأ..الموعظة قد بدأت!!!"

"اجعل الله في قلبك تبعد عنك الهموم...ابعد عما سواه بقلبك حتى تقرب منه، مت عنك و عن الخلق و سترى الصدأ ينجلي و الحجب ترفع بينك و بين ربك".
- كيف أموت يا جدي؟
- مت عن طاعة نفسك، عن متابعتها، عن متابعة هواك و طبعك و عاداتك و عن متابعة الخلق وأسبابهم...آيس منهم واجعل كل أعمالك لوجه الله دون طمع.
- ماذا تفصد يا جدي بالطمع؟
- إعمل لوجهه دون طمع في نعمائه...إعمل له وارض بتدبيره وقضائه، فإذا فعلت هذا فقد مت عنك وحييت به...يصير قلبك مسكنه، يقلبه كيف يشاء... فهو الملك، و الملك لا يرضى السكن في القلب الصدئ.
هكذا تكلم جدي.
ـــــــــــــــــــــــــ
* الكواملية: دوار تابع للعامرية، أصبح اليوم قرية واسعة.
** عبارة تقال للأمر النادر الحدوث.



Share:

الاثنين، 16 يوليو 2012

عيون تحب


في حديقة الحيوان يوم جمعة مشرق ، جدتي و أختي الصغرى سعاد في وسط الطابور تنتظران دورهما ، سعاد ترغب في أن يرسم لها الرسام مخالب نمر أو أسد ... كان الرسام المبدع منهمكا في تزويق وجه طفل برسم منقار صقر على خديه . ذاك هو مصدر رزق الرسام المبدع ، تزيين خدود الأطفال برسم جزء من جسم أي حيوان يختارونه.
سعاد متلهفة... ترغب في رؤية وجهها وقد كسته رسوم مخالب النمر.
استدار الطفل الذي كان يسبقها في الطابور وقال:- وجهك مملوء بالنمش ... لن يجد الرسام مكانا للرسم في وجهك –
أُحرجت سعاد، نكست رأسها... لاحظت جدتي ذلك ،انحنت نحوها، قبعت على ركبتيها وشدت وجه أختي:
- أنا أحب نمشك.
- لا تقولي هذا لي . ردت سعاد مشيرة إلى الطفل أمامها.
- حسنا ، أتدرين ؟ حينما كنت صغيرة كنت دائما أتمنى أن يكون لي نمش في وجهي.
و مدت إصبعها تتحسس خدي الطفلة قائلة – مثل هذا تماما- و أردفت : النمش شيء رائع يا سعاد.
- حقا؟؟؟
- بالطبع يا سعاد ، ردت جدتي و قالت : هل تشكين في ذلك؟ لا يوجد ما هو أجمل من النمش ، هيا قولي ، هل تستطيعين ذكر شيء أجمل من النمش؟
- سكتت الطفلة برهة ، متأملة وجه جدتي وردت بهدوء:
- التجاعيد.
ــــــــــ
التدوينة منشورة في الشرق القطرية
و في  دنيا الرأي
Share:

الأحد، 15 يوليو 2012

سباق التجديف


ــــــــــــــــــــــــــــــــــ


يحكى أنه في قديم الزمان كان هناك سباق تجديف بين فريقين ((عربي)) و ((ياباني))، كل قارب يحمل على متنه تسعة أشخاص وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق رهيب جداً... وبتحليل النتيجة وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من  مدير واحد للقارب وثمانية مجدفين، أما الفريق العربي فيتكون من ثمانية مديرين للقارب و مجدف واحد .
حاول الفريق العربي تعديل التشكيل ليصبح متكونا من مدير واحد .. مثل الفريق الياباني.
وتمت إعادة السباق مرة أخرى ، وفي نهاية السباق وجدوا أن الفريق الياباني انتصر بفارق رهيب جداً تماماً مثل المرة السابقة.
بتحليل النتيجة مرة أخرى وجدوا أن الفريق الياباني يتكون من  مدير واحد للقارب وثمانية مجدفين، اما الفريف العربي فكان في هذه المرة متكونا من مدير عام واحد ، ثلاثة مدراء إدارات، أربعة رؤساء أقسام و مجدف واحد .و لتفادي الخسارات المتكررة ، و المشاركات التي لا تشرف ، قرر الفريق العربي محاسبة المخطئ...تم فصل المجدف.


 
Share:

الخميس، 12 يوليو 2012

الفتاة العمياء






الفتاة العمياء الساحرة تكره كل شيء، تتذمر من كل شيء إلا من حبيبها ...لكم تمنت أن ترى وجهه و لو للحظة ثم تموت بعد ذلك...قالتها له كم مرة ... كان فقط يضمها  في حضنه و يصمت .
و تمر سنون ...وتجرى لها عملية جراحية ...عينان جميلتان رأت بهما النور...و رأت المفاجأة ...حبيبها أيضا أعمى.
- ها أنت الآن كاملة السحر يا فاتنتي !! هل تقبلي الزواج مني؟
- كلا
بلع الحبيب غصته و غاب ...ترك لها رسالة "  إعتني بنفسك و بعينيي"
ــــــــــــ
* الفتاة العمياء منشورة في جريدة الشرق القطرية
و دنيا الرأي
Share:

الثلاثاء، 10 يوليو 2012

حب صادق


*****
  كانت صبيحة ذاك اليوم مشحونة ، هرج و مرج و الناس مابين  داخل و خارج، مستوصف العامرية الوحيد يموج..يغلي..
دخل قاعة الفحص شيخ كبير ذو لحية بيضاء عكست على وجهه مسحة هيبة و جلال، كان في الثمانين من العمر، بعد تبادل كلمات الترحيب ، مد لي يده كي أفك بعض الغرز من اصبعه ظانا أنه شفي من جرح أصابه...بينما انا منشغل بالفك كان الشيخ لا يفتأ ينظر إلى ساعة يده العتيقة ، قال : "أسرع يا ولدي، أنا في عجلة من أمري ، علي أن أصل قبل التاسعة"...
  لا حظت أن الجرح لم يبرأ تماما فاضطررت لأن أخرج من القاعة لجلب بعض الضمادات ، فلاحظت أمارات الإنزعاج قد غزت محياه، وراح يحملق في ساعة يده، ناديت إحدى الممرضات لتتكفل بالتضميد.
  بينما كانت الممرضة تلف إصبعه سألته إن كان على موعد مع طبيب آخر كونه كان يبدي تلك العجلة .
رد الشيخ المهيب، " لا ، ليس لي موعد مع طبيب ، و لكن يجب أن أصل المستشفى قبل التاسعة لتناول فطور الصباح معها "
 و أردف مبتسما " مع صاحبة البيت... زوجتي"
قلت: الله يبارك!!
حكى لي عن قصتها و أنه يزورها بالمستشفى  منذ ما يقارب السنة، كل صبيحة يتناولا فطور الصباح سوية ، و أنها مصابة بمرض الزهايمر.
سألته إن كانت ستغضب منه في حالة وصوله متأخرا.
ابتسم وقال ، و أنى لها الغضب؟ و ممن ؟ فهي لم تعد تعرفني منذ ما يقارب الخمس سنوات.
اندهشت ، لم أصدق و قلت :" و مع ذلك تحرص على الذهاب يوميا؟ رغم عجزها عن التعرف عليك تزورها يوميا لتناول فطور الصباح رفقتها؟
اقترب الشيخ الكبير مني ، ابتسم وهو يربت على يدي قائلا:"  نعم يا ولدي ، هي لا تعرفني  ولكنني ما زلت أعرفها من تكون"


Share:

الجمعة، 6 يوليو 2012

كلاب للبيع




*****

في أعلى الباب ، الجانب  الأيسر منه  قام صاحب المتجر بلصق لوحة إعلانية حيث يمكن قراءة:
" كلاب للبيع"
لا شك أن هكذا إعلان سيجلب زبائن كثر و خاصة الأطفال منهم.أيام قليلة ، يفترب طفل من المتجرو قد أغراه الإعلان، ليسأل
" بكم تبيع الجرو يا عم؟"
رد عليه صاحب المتجر" ما بين خممائة دينار و ثمانمائة "
تحسس الطفل ما بجيبه و أيقن أنه لا يملك المبلغ المطلوب  ثم  قال " لدي خمسون دينارا ، هل يمكنني رؤيتهم؟"
ابتسم صاحب المتجر، و أطلق تصفيرا. ظهرت كلبته المسماة "لايدي"، وجرت نحو باب المتجر متبوعة بخمسة جراء، غير أن أحد الجراء تأخر عن اللحاق بإخوته... في اللحظة ذاتها ...قرر الطفل اختيار الجرو الأعرج المتأخر عن إخوته، و سأل صاحب المتجر " مم يعاني هذا الجرو الصغير؟"
بدأ صاحب المتجر يشرج للطفل أن  الطبيب البيطري أكد ان لهذا الجرو تشوه على مستوى الحوض  منذ ولادته ، و أن لا شفاء لهذا التشوه، لذا فقد حُكم علي بالمشي على هذا النحو طيلة حياته.
ظهر على الطفل شيء من الحماسة و الغبطة، وقال " هو، هو الجرو الذي أرغب في شرائه"
رد صاحب المتجر" لا، لا يمكنك شراء هذا الجرو، و إذا رغبت فيه حقا ، أنا أهبه لك"
" لا، انا أرفض أن تهديه لي" رد الطفل و اردف" هو كذلك له نفس ثمن الجراء الاخرى، و سأعطيك ثمنه بالكامل. في الحقيقة سأعطيك خمسين دينارا الآن ومائة خلال كل شهر إلى أن أسدد ثمنه بالكامل"
رد صاحب المتجر: "هل فعلا تريد شراء هذا الجرو؟ فعلا!! لن تراه يجري أبدا، ولن يستطيع لا القفز ولا اللعب  كذلك ، أنصحك أن تحب جراء أخرى."
عند سماعه هذا، انحنى الطفل الصغير، لف اسفل سرواله إلى أعلى مظهرا للتاجر ساقه اليمنى ، حيث لم تكن هناك ساق ، بل قضيب أسطواني فضي اللون ثم  تطلع في وجه التاجر و قال:" حسنا ، انا كذلك لا احسن الجري جيدا ، و أرى أن الجرو هذا محتاج لمن يشعر به و يتفهمه."
عض التاجر شفته مندهشا ، أغرورقت عيناه دمعا...ابتسم وقال: "بني!! أتمنى من كل قلبي أن يحضى كل جرو من هذه الجراء بمالك مثلك."


Share: