كان للملك وزيران ، يملك احدهما قلبا كبيرا صافيا وللثاني قلب ضيق حرج مكبل بقيد الحسد وسم الغيرة . و بينما كان الأول ذو منطق سلس وروح شفافة كان الثاني ذو طبيعة ضبابية و مزاج عكر ، و من الطبيعي ان لا يكن الوزير الحسود إلا البغض و الحقد تجاه الوزير الأول و يتصيد له الفرص للوشاية به و زعزعة مركزه لدى الملك ، غير ان الوزير الطيب كان على اتم علم بما يدور في مخيلة الحسود و لكنه لا يهتم لذلك و لا ينبس بنت شفة لأي كان.
في صبيحة يوم من ايام الله المتتالية ،اقتاد الجنود رجلا مقيدا إلى الملك. و حين السؤال عن سبب عرضه على الملك، قال قائد الجند : " لقد أهان هذا الرجل جلالة الملك ، و نعته بكل صفات الظلم و الجور و السيطرة "
امر الملك أن تقطع راس الرجل المسكين فورا. كان الوزيران ضمن الحضور ، و حين لبى أحد الجنود الأمر و ذهب للإتيان باحد الجلادين ، كان المسكين يتمتم تجاه الملك .
وكون الملك كان بعيدا حيث لا يمكنه سماع ما يتمتم به المحكوم عليه بالموت ، طلب من وزيره الطيب :" بماذا يتمتم ؟ أيتوسل إلينا ؟"
وكون الملك كان بعيدا حيث لا يمكنه سماع ما يتمتم به المحكوم عليه بالموت ، طلب من وزيره الطيب :" بماذا يتمتم ؟ أيتوسل إلينا ؟"
القى الوزير الطيب نظرة إلى وجه الرجل الممتقع الذي جف منه ماء الحياة و قال:" سيدي ، يا ايها الملك العادل ! إنه يدعو لك ،، إنه يقول إن الله يحب الرجل الحليم الذي يتمالك نفسه ساعة الغضب و يغفر للناس اخطاءهم "
كان هذا الرد بلسما ازال غضب الملك و اسعده ، و جعله ينسى إساءة الرجل و يعفو عنه.
لنعد الآن لوزيرنا البغيض ،هو كذلك سمع تمتمة الرجل ، سمع كم الشتم و السب الذي تلفظ به. و كان يعلم ان الوزير الطيب قد نقل للملك عكس أقوال الرجل ، لذا فكر أن يغتنمها فرصة لينتقم منه قائلا في نفسه " لو كشفت اكاذيبه الآن سيتلقى اكبر إهانة من الملك ومن يدري ، فلربما عاقبه و بذلك انال الحظوة و القرب بدله ". ثم لم يتمالك نفسه لينطلق من حيز الفكرة إلى التطبيق ليقول : ليس من العدل و الحكمة أن ننطق أمام جلالة الملك بغير الحقيقة ، سيدي !! لم تكن تمتمات هذا المجرم إلا سبا لحضرتك العلية و شتما لشخصك "
لنعد الآن لوزيرنا البغيض ،هو كذلك سمع تمتمة الرجل ، سمع كم الشتم و السب الذي تلفظ به. و كان يعلم ان الوزير الطيب قد نقل للملك عكس أقوال الرجل ، لذا فكر أن يغتنمها فرصة لينتقم منه قائلا في نفسه " لو كشفت اكاذيبه الآن سيتلقى اكبر إهانة من الملك ومن يدري ، فلربما عاقبه و بذلك انال الحظوة و القرب بدله ". ثم لم يتمالك نفسه لينطلق من حيز الفكرة إلى التطبيق ليقول : ليس من العدل و الحكمة أن ننطق أمام جلالة الملك بغير الحقيقة ، سيدي !! لم تكن تمتمات هذا المجرم إلا سبا لحضرتك العلية و شتما لشخصك "
غضب الملك لسماعه ذلك ، غلى الدم في عروقه و ألقى نظرات حقد تجاه الوزير الحسود الذي ظن أنه بلغ منيته و أن الملك غاضب جراء كذب الوزير الطيب. غير أن وقوف الملك خيب كل ظنونه حيث قال : " أنا أفضل الكذب الذي اسعدني على الحقيقة التي تفوهت بها. اتعلم لم؟ لأنه كذب علي بحسن نية و مقصد جليل ، أما انت ، فقد دفعك لفضحه الغل الكامن في صدرك و الغيرة الجاثمة على قلبك. الا تعلم انه من الأفضل تجنب الحقيقة إذا ما كانت ستجر فتنة ؟"
طأطأ الوزير رأسه خجلا . و أردف الملك قائلا: " مندفعا بطيبة قلبه كذب علي الوزير ليتجنب اهراق دم هذا المسكين ، ولم نلمس في ما قاله غير الإحترام و الولاء لجلالتنا ، اما أنت فقد كانت نيتك الشر المحض ، رغبت في موت هذا المخلوق كما لم تبد لنا اي احترام بترديدك ما قاله من سب و شتم لجلالتنا " .
امر الملك بإطلاق سراح الرجل المقيد ليعود لأهله و أثاب الوزير الطيب على حسن صنيعه و حكمة منطقه بينما طرد الوزير الآخر شر طردة.
و هذا هو جزاء من يحفر حفرة لأخيه.
كعادتك يا سيد سعيد
ردحذفقصص كلها عبر وحكم
بارك الله لك في فكر وما تقله الينا من حكم
و كعادتك أنت ايضا من اوائل المعلقين.
ردحذفتحياتي