الثلاثاء، 22 مارس 2011

هل أنت جزرة، بيضة أم طحين بُن ٍ ؟

زارت امرأة شابة أمها  وكانت حديثة عهد بالزواج، وبدأت تسرد عليها حجم معاناتها و قتامة عيشتها رفقة أهل زوجها و أنها لا محالة ستصاب بجنون أو انهيار عصبي إن استمر نمط عيشها المرير بنفس الوتيرة، و أفصحت لامها عن جهلها و قلة حيلتها تجاه ما تكابده و تتجرعه من قسوة و أنها تعبت وضاقت ذرعا من تصديها للمشاكل تباعا.
كانت البنت تحكي و الدموع سيل منهمر على خديها ، و أمها جبل شامخ لا يتزعزع يستمع لطفلة غريرة. بعد أن أنهت البنت سردها أخذتها الأم إلى المطبخ دون أن تنبس ببنت شفة. أخذت ثلاث أواني وملأتهم ماءً.
وضعت في الأولى جزرة ، في الثانية حبة بيض و في الثالثة حفنة طحين البن و أشعلت النار و تركت الماء ليغلي دون أن تنطق بكلمة واحدة. بعد حوالي عشرين دقيقة أخرجت الجزرة و البيضة ووضعت كلتيهما في صحن وأفرغت القهوة في وعاء خاص.

التفتت الأم نحو ابنتها و سألت: " قولي لي ماذا تلاحظين ؟".
ابتسمت البنت مستغربة وقالت :" جزرة و بيضة و قهوة !!!".
قربت الأم الأواني للبنت وقالت لها : "تحسسي الجزرة " فعلت البنت ما طلبته أمها، تحسست الجزرة فوجدتها  دافئة طرية و رخوة.

" خذي الآن البيضة و قشريها ".
فعلت البنت ، ولاحظت أن البيضة مسلوقة بشكل جيد. و أخيرا قدمت الأم لابنتها وعاء القهوة وسألتها أن تبدي ملاحظتها. فعلت البنت ووجدت أن للطحين البن مذاق رائع و رائحة عطرة زكية.
سألت البنت : " كل هذا شيء جميل، ولكن ما الغرض يا أمي ؟ ".
أوضحت الأم أن كلا من هذه الكائنات خضع لنفس الظروف ،كل منها غلى عليه الماء إلا أن رد الفعل كان مختلفا . كانت الجزرة يابسة وبعد غليانها في الماء لانت و أصبحت طرية ، البيضة كان لها قشرة رقيقة تحمي السائل بداخلها وبعد غليانها في الماء تصلب ما بداخلها و استحال يابسا بعد سيولته ، أما طحين البن فكان مزيجا متجانسا فريدا و بعد غليانه في الماء ذاب فيه وأعطاه لونا ورائحتا وطعما.
ثم سألتها : " من من هؤلاء تكونين؟ حينما تدق المحن بابك ، كيف يكون تصرفك ؟ هل تكونين جزرة، بيضة أم طحين بُنٍ؟
فكري في هذا يا ابنتي ، من أكون؟ جزرة تبدو قوية خشنة و سرعان ما تنهار و تلين فاقدة قواها كلما هاجمها طارئ أو صادفتها ظروف لا تليق ؟ 
 هل أنا بيضة ذات قلب سائل يتغير وفق الحرارة؟ هل بداخلي روح سائلة شفافة سرعان ما تتجمد و تقسو كلما أصابتها مصيبة ، ألم ، أو أي طارئ لا يوافق هواي؟
أم أنا طحين بن ؟ أغير لون الماء إذا اشتدت حرارته ، أهبه من لوني و أعطيه شذى زكيا و طعما رائقا.
إذا كنت مثل طحين البن فإنك في أسوء حالاتك ستغيرين ما حولك و تعطيه أجمل ما فيك."
فكري في هذا يا ابنتي، كيف تتعاملين مع المحن و الشدائد، هل تتصرفين مثل الجزرة، البيضة أم طحين البن؟.

Share:

0 التعليقات:

إرسال تعليق