الجمعة، 8 أبريل 2011

يُدفن رأسي عند قدميه...وأكون سعيدة

في كتابه "روضة المحبين و نزهة المشتاقين"ذكر الامام بن قيم الجوزية أصناف الحب ومسمياته وقال ان من عادة  العرب في كل ما اشتد الفهم فيه او كثر خطوره على قلوبهم تعظيما له او اهتماما به او محبة له ان تكون له أسماء كثيرة ،  كالأسد، السيف، الرجل الداهية، الخمر وكان الحب و المحبة من هذه المعاني لذلك وضعوا له قريبا من ستين اسما ذكر منها ابن قيم خمسين في مصنفه .
ومن ضمن هذه الاسماء : المحبة، العلاقة، الهوى، الصبوة، الشغف، الوجد، الكلف العشق، التتيم، الجوى ...الى آخر ماذكر المصنف.

أتيتكم اليوم بقصة حب  لم اجد للحب فيها مسمى لدى بن قيم الجوزية ،فقد احترت كيف أصف نوعية هذا الحب ، اهو عشق أم كلف ام جنون ؟  أظن انكم بعد قراءتكم للقصة ستكتشفون انه حب قريب إلى النتانة.... أظن!!!

********************

إلى الحب إذا......
جون كوكتو و إديث بياف



قصة حب عنيفة بين الأديب الفرنسي جون كوكتو و المطربة الفرنسية إديث بياف، كان لا يأكل و لا يشرب إلا من قدميها، يصب النبيذ بين أصابعها و يشرب، يلقي النبيذ في حذائها و يشرب، تضع هي الطعام في يديه و تأكل...تغرق جسمه بالنبيذ  و ترتوي.
إديت بياف مطربة فرنسا الاولى ، صاحبة الحنجرة الدافئة ..في صوتها رعشة ونبرة كهربائية...كانت تؤلف أغانيها لوحدها... وخاصة أغنية : الحياة من ورد..أشهر أغنيات القرن العشرين.

كانت تقول عن نفسها أنها مطربة الرصيف...فقد عاشت معظم حياتها الأرصفة و المقاهي، وكانت إذا ما سألها أحد أصدقائها أين يلتقيان ردت: الرصيف الفلاني ، المقهى الفلانية.
تعمقت العلاقة بينها و كوكتو حتى ليخيل للناس انهما لا يأكلان و لا يشربان و إنما يتكلمان طول الوقت. ويندهش الناس لهذين العاشقين اللذان لا يتوقفان عن الكلام وأنهما قادران على أن يفعلا ذلك حتى الموت.
كان باستطاعة أي منهما أن يعرف في أي وقت ما الذي يفعله الآخر: يقرأ، ينام، مريض..خارج البيت..مع امرأة أو رجل آخر..وكثيرا ما قفز أحدهما من الفراش متجها إلى الأخر...فقد أحس أنه في ضيق..وتكون المفاجأة أن يلتقيا في منتصف الطريق...أو يكون مريضا فعلا.
في يوم قال لها كوكتو... أينا سيموت الأول؟
قالت: أنا
قال : بل أنا.
قالت: أحب ان أموت قبلك لكي تكتب قصة حبي.
قال: بل أنا لكي تغني قصة حبي.
واتفق الإثنان على شكل الجنازة و على ملابس الدفن و الحداد.
في الستينات أحس الإثنان انهما على باب الموت،أو ان الموت على بابهما...فطلب إليها أن تبعث بالملابس التي سوف تموت بها... و أن يبعث لها هو أيضا بالملابس التي يجب أن يموت فيها... و أن تبعث إليه قائمة أسماء الذين يجب أن يكونوا عند قبرها، وأن يبعث هو أيضا... و عن الأغنيات التي يغنونها لها وهي في طريقها إلى القبر..و أن يبعث لها هو القصائد التي يجب أن تتردد أصداؤها حول جثمانه.
وكتب كل منهما وصية سرية...لا تفتح إلا بعد وفاة كل منهما !!!
اشتد المرض بهما...نفس المرض..التهاب رئوي وماء في الرئة و اختناق وفقدان للقدرة على النطق.

في اليوم الذي تعذر عليها أن تتصل به أو تحدثه أو تكتب له اصبح من المستحيل عليه هو أيضا ان يراها أو يسمعها...فكلاهما مريض حبا ، ومريض ضعفا... وكلاهما تمنى ان يكون المرض الأخير...ليكون لقاؤهما الأبدي بعد ذلك...
ماتت إديت... ولم يعرف...ذهب أحد اصدقائهما يخبره...لم يكن موتها صدمة له..مد يده بسرعة إلى ما تحت المخدة...أخرج قميص نومها وفستانها وحذاءها...لقد كان الحذاء قديما مهلهلا..فقد كان يضع فيه القهوة و الشاي و النبيذ و يشرب حتى تهلهل وصارت رائحته كريهة...ومن شدة نتانة رائحته هرب الواقفون حوله...و أشار إلى بعض النبيذ... وقبل أن يجيئ النبيذ كان هوالآخر قد مات ... كان ذلك بعدها بنصف ساعة..
اما هي ففعلت نفس الشئ ايضا..عندما أحست بالنهاية، مدت يدها إلى ما تحت المخدة و أخرجت القميص و البنطلون و الحذاء...وتراجع الناس لهول الرائحة... و شربت الشمبانيا في حذائه... آخر ما فعلت...ثم .. ثم ماتت.

أما وصيتها فهي :"  يُدفن رأسي عند قدميه ... و أكون سعيدة !!!
 و أما وصيته:  يُدفن رأسي عند قدميها...... و أكون سعيدا !!!

*******
إذا أعجبتك التدوينة ، يمكنك قراءة مثيلاتها:


Share:

0 التعليقات:

إرسال تعليق