الجمعة، 17 يونيو 2011

أين تكمن قوة المدونة؟

****


****

   من خلال تجربتي المتواضعة والقصيرة في عالم التدوين ( أنا في شهري السادس !!!) أيقنت انه لكي تحجز مكانا في عالم التدوين هذا ، لجلب قراء جدد وإيثار فضولهم وحثهم على تكرار زيارة مدونتك بدلا من مدونات أخرى تعالج نفس الموضوع ، يتوجب عليك الإفصاح عن رؤيتك الخاصة ، إبداء رأيك، التعبير عن بصمتك خلال التدوين وذلك بالكتابة  بصيغة المفرد ، المتكلم.

     
مما أراه خطأ شائعا في مجال التدوين هو مراعاة  الحيادية و البحث عن الموضوعية أثناء معالجة موضوع ذي طابع إخباري ، فأي كاتب يستطيع نقل الخبر دون إبداء رأيه ويكون في قمة الموضوعية ، في المقابل ، ما يهم القارئ ، زائر المدونة ، والذي يدفعه  للعودة وتكرار الزيارة ، ويعطي قوة لمدونتك هو: الرأي الشخصي لصاحب المدونة.

 مما يثير شهية القارئ لمعاودة زيارة المدونة ، هو تجربة المدون الشخصية ، تفاعله مع الحدث ـ أفكاره و تأملاته وما استفاد ه أو استنتجه خلال هذه التجربة الشخصية.
لذا على المدون أن يحاول جهده عدم الاكتفاء بنشر التدوينة ، أيا كان نوع التدوينة ولكن يحاول إعطاء رأيه الشخصي وليكن متأكدا  أن  الرأي هذا هو مكمن قوة أو ضعف المدونة.

 لماذا الضعف ؟  لأننا كلما كانت ذاتيتنا طاغية على الموضوع كلما كنا أقرب إلى التدوين منا إلى الصحافة. ولهذا كانت المدونات  وسائل إعلام خاصة بعيدة كل البعد عن الأخرى التقليدية  وفي رأيي يجب أن تكون هناك  حدود بينة بين المدون و الصحفي .
هذه الذاتية التي تُعد منقصة في مجال الصحافة تعتبرعنصرا مهما  من عناصر قوة التدوين حيث  تُقدم المعلومة بطريقة مختلفة ، طريقة يطغى عليها الطابع الإنساني موفرة للقارئ بديلا غنيا ومتنوعا عن وسائل الإعلام التقليدية إضافة إلى تعدد الموضوعات المتطرق إليها في المدونات.

  أخيرا...أرى أن الكتابة بصيغة المفرد المتكلم ، تقرب المدون أكثر إلى القارئ و الزائر و تضفي ذاك الجو التواصلي الحميمي .
 ألا ترون مثلي أن  التعليق على تدوينة كُتبت بصيغة المفرد أسهل و أمتع من غيرها ؟
 وهنا تكمن كل قوة المدونة : التفاعل مع القراء.
Share:

الأربعاء، 15 يونيو 2011

الدور الثاني من مسابقة مالك ين نبي



تم اليوم الإعلان على قائمة المدونات المتأهلة إلى الدور الثاني ضمن مسابقة مالك بن نبي للمدونات الجزائرية المكتوبة على مواقع التدوين المجانية.
وقد سعدت لرؤيتي مدونة يوميات الوجع والحنين من ضمن المدونات الثمانية المتأهلة وهي كالآتي:


مرتبة حسب تاريخ التسجيل
1- معروف عبد القادر
2- صمت الثورة – منير سعدي-
3-البوارق
4-كينونة الكلمة
5-وجهة نظر
6-يوميات الوجع والحنين
7- جرأة قلم
8- نجاة للصحافة.


وقد حددت إدارة النادي فترة التصويت على المدونات المتأهلة إبتداء من تاريخ اليوم 15/06/2011 إلى غاية يوم 30/06/2011.
 يتم التصويت هنا
أتقدم بشكري الجزيل لكل زوار المدونة ، كل قارئ أبدى رأيا، إعجابا أو نقدا ، وشكري الخاص لكل من قام بتقويم المدونة في الدور الاول... تمنياتي الخالصة بالتوفيق للمدونات الجديرة بالفوز.
Share:

السبت، 11 يونيو 2011

قصص وحكايا




قمت اليوم برفع مجموعة  قصص  بعدما جمعتها على شكل كتاب الكتروني ـ عنونتها  :



مشكلتي مع الكتاب الالكتروني أنني لا احسن تصميمه بشكل احترافي حيث استعمل البرنامج المدمج مع الأوفيس ومن بعض عيوب هذا   البرنامج  ان بعض حروف النصوص تظهر متداخلة ... لم أدر كيف اتفادى ذلك.

لذا قدمته للقراء هنا آملا تقديم ما يفيدهم فيما تضمنته المجموعة ، وطامعا في ارشادات من يحسن التصميم .
يسعدني كثيرا تلقي آرائكم.
شكرا.


تحميل الكتاب من هنا



Share:

الثلاثاء، 7 يونيو 2011

الجنتلمان



******


*****
بجيبه حفنة قطع تقدية ووريقات ، يمر الطفل الصغير بقرب محل الأيسكريم...يرى كثرة الزبائن بداخله ، يدخل ويجلس ..تأتيه النادلة مسرعة ..كانت ترتدي تنورة بيضاء قصيرة...وضعت على طاولته كأسا به ماء وقالت بابتسامة حنونة: نعم ...طلباتك؟
تنحنح الطفل مبتسما .. وقال : انا احب الأيسكريم بالكاكاو ... هل عندكم الأيسكريم بالكاكاو؟ بكم الأيسكريم بالكاكاو؟
- بخمسة دولارات ... هل آتيك به؟
أدخل يده في جيبه اخرج كومة القطع النقدية ، بدأ يعد... انزعجت النادلة فالزبائن بين داخل وخارج والطلبات كثيرة... وضعت يديها على خاصرتيها وهي تدق الأرض بقدمها... والطفل يعد.
رفع رأسه نحوها وعلى ثغره ابتسامة مترددة وقال : انا احب الأيسكريم بالكاكاو... ولكن بكم الأيسكريم بدون كاكاو؟
بدأ القلق يسري في نفس النادلة ...انزعجت...وردت عليه: اربعة دولارات!!!
نكس الطفل رأسه ثانية وراح يعد ، تأففت النادلة ، تلفتت يمنة ويسرة.
قال: حسنا، أنا احب الأيسكريم بالكاكاو ، ولكني سآخذ ايسكريم بدون كاكاو.
انطلقت النادلة أتت بالأيسكريم بدون كاكاو ووضعته فوق الطاولة وبجانبه الفاتورة وغابت.
التهم الطفل الصغير الأيسكريم بدون كاكاو بتلذذ وسعادة...أتمه ..ألقى نظرة إلى مبلغ الفاتورة...اربعة دولارات...اخرج ما بجيبه..عد أربعة دولارات وضعها فوق الفاتورة ودولارا بجانبها إكراما للنادلة كما يفعل الرجال المهذبون... رغب في مناداتها غير انها كانت جد مشغولة...اعتدل واقفا  وخرج.
 ظهرت النادلة...لم تجد الطفل... لملمت مافوق الطاولة... توقفت في مكانها...تجمدت... وانحدرت من عينيها عبرتان.
Share:

السبت، 4 يونيو 2011

الرسالة (2)

 



إقرأ الجزء الأول من الرسالة.

*****
   شيء ما تكور في حلقي...لم انبس ببنت شفة.. لم أحاول مناداته...ذهب حيث لا ادري...واتجهت  وحدي نحو أول مقهى ولم اشتر أي جريدة...طلبت قهوة ...أشعلت سيجارة وهمت مفكرا في حجم ما اقترفت في حق حليم .
  وحل الليل...ولم يعد حليم إلى الغرفة...تحججت لدخول غرفته...وسألت  الزملاء عنه...لا أحد يعلم وجهته...غاب حليم... وجاءت الجمعة...صلينا ...تسكعنا في الشوارع ...شوارع قصر الشلالة اليابسة...عدنا لتناول العشاء ولم يكن حليم ضمن الجمع.
 ذهب حليم إلى حيث لا يعلم أحد...غاب تاركا الندم يعصرني...أتراني أخطأت في حقه إلى هذه الدرجة؟ أتراني كنت أجهل عقليته ظانا أنه سيتفهم الأمر ، سيستحسن اللعبة ؟ لست أدري.
 وجاء يوم السبت، بداية الأسبوع...دخلنا قسم الدراسة، ورحت ابحث عن حليم ...لم يكن جالسا في مكانه المعتاد...ورأيته في الصف الأول مثلما يفعل التلاميذ النجباء...تأكدت أنه قرر مقاطعتي...لم يعر الزملاء اهتماما لذلك ، كنت وحدي المعني.
ومر ذاك اليوم دون أن يكلمني حليم...و لم أحاول ذلك أنا بدوري، فكرت أن اترك له فرصة لنسيان ما حدث...
كان يتحاشى النظر إلي كلما قابلني...مرت أيام معدودة وحليم مقاطعا لي...كنت أراه يمازح الآخرين ... يتندر معهم يضحك ويلعب....كنت وحدي المعني بتجاهله.
مرّ قرابة الشهر ، وقامت إدراة المدرسة بتوجيهنا لإجراء تربصات ميدانية...وبعد رجوعنا بدأ التحضير لنهاية التكوين و التخرج...ورأيت حليم ضمن جماعة من الزملاء تقدمت نحو الجماعة وانغمست في الحديث معهم ...كان يسترق إلي النظرات... وكلمة من هنا و أخرى من هناك !!! بدأ الحديث بيننا...كنا نتكلم وكل منا يرغب في تقديم أسفه أو اعتذاره...كنت أود أن أبين له حسن نيتي ونبل مقصدي... وكان بدوره يرغب في إفهامي انه لم يعد مغتاظا مما حدث...كل منا كان يرغب في تقديم تفسير أو تبرير دون الإفصاح بذلك... وحدها النوايا كانت سفيرة بيننا.
وتفرقنا، عُين كل واحد في مكان عمله ، انا في الغرب و هو في الشرق...انقطعت الأخبار بيننا...إلى أن جاء اليوم الذي علمت فيه مكان عمله... اتصلت به... فرِحَ أيما فرح... تكلمنا عن كل شيء... وعن الرسالة ... قال حليم: "أعظم ذكرى... أعظم ذكرى من اعز صديق... لا زالت الرسالة محفوظة لدي ولا زالت صورة نصيرة بالمظروف... ولا زال الموعد قرب المسبح معلقا "... قال حليم ذلك وهو يضحك... كنت أتخيل أسارير وجهه منبسطة من خلال التلفون..
ومرت الأيام... وانقطعت الأخبار ثانية ... تبا لها  الأخبار!!!  لا تدوم على وتيرة واحدة أبدا...وفي يوم من أيام سنة 2008 آو 2009، لست اذكر بالضبط... كنت عائدا من العمل وإذا بهاتفي يرن...كانت المكالمة من وهران...فاجأني حليم ، قال إنه في وهران ولا يعرف من أين أتى و إلى أين يتجه...
كانت وهران تموج... تغلي ... فقد قام أنصار فريق مولودية وهران بثورة غاضبة إثر سقوط فريقهم إلى الدرجة الثانية من البطولة الوطنية...ومن سوء حظ حليم انه كان ذاك اليوم حاضرا بملتقى وطني خاص بالقطاع... وكونه لم يزر المدينة من قبل تاه وغاب عنه لمن يلجأ، فتذكرني واتصل بي.
اتصلت بأحد الأقرباء  ليُقله بسيارته غير أن قريبي تحجج خوفا على سيارته من التحطيم ...عاود حليم الاتصال بي فأرشدته أي طريق يسلكه ليجيء عندي... وفعلا بعد مضي ما يقارب الساعتين كان عندي في العامرية.... وقابلته...( والأشواق في عينيه...سلّم...سلّم واخد إيدي في إيديه !!!) ...وتسكعنا في شوارع العامرية ليلا...شوارع العامرية تبهر ليلا و تبعث فيك رغبة التقيؤ نهارا...تناقض صارخ...وبتنا ليلتنا تلك نجتر الذكريات...نستعيد ما حيينا في أيامنا الخوالي... وحليم يضحك تارة... يبتسم حينا..بل كل الأحيان...وذكرنا الرسالة...ذكرنا نصيرة و المسبح البلدي...وقال حليم انه لن ينسى أبدا تلك الرسالة...قال أنها أجمل وأعظم ذكرى...قال ذلك بفرنسية مزوقة مثلما يتكلم أصحاب ((bah !!! j’sais pas...بدا لي انه اخذ دروسا مكثفة في الفرنسية...تكلمنا وتكلمنا  ولم اسأله  إلى أي مكان غاب .
وغادر حليم العامرية صباحا...ومرت السنون...وانقطعت الأخبار كعادتها...واتى الفايسبوك...ليجرفني إدمانه...وفي يوم من أيام هذه السنة، لست اذكره...وجدت رسالة يقول باعثها :" هل هذا ابنك يا سعيد؟ حفظه الله من العين ".
نعم ، كان ذاك حليم...اتصل بي من هناك...من بلد القرّ والبرد و(السّرَحْرَحْ)(1)...من كندا. هاجر حليم إلى كندا.
وهكذا أعيد الاتصال بيننا...وأضحى حليم من أصدقاء عالمي الافتراضي...من قراء مدونتي...من متابعي ما اكتب.
ذاكم هو حليم مقصود... زميلي وصديقي و أخي ، أغضبته يوما دون قصد...وإني استسمحه الآن كوني لم أقم بذلك من قبل...انشد فيه ذاك القلب الأبيض الصافي... تلك الروح المرهفة الشفافة ، راجيا منه أن يقول لي أين ذهب بعد ما أذعت له سر الرسالة وتركني وغاب؟ .


*****
تعليق صديقي عبد الحليم على تدوينتي: نعم الوفاء

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) : السرحرح: كلمة جزائرية دارجة تعني المكان الواسع ، الفضاء الخالي .
Share:

الجمعة، 3 يونيو 2011

الرسالة * (1)



كان أول من أقابله من بين جمع من المدعوين للمشاركة في المسابقة وكان يحمل محفظة و كأنه لا يزال طالبا، كان بمحفظته كمُّ من الوثائق وخارطة الجزائر، ظننته من أولئك الذين يهوون السفر و الترحال... و انفتح له قلبي فالأرواح جنود مجندة.اجتزنا المسابقة التي كانت شكلية... وبعد ما يقارب الثلاثة أشهر تم استدعاؤنا إلى المدرسة لبداية التكوين.
   وبدأ التكوين...دراسة أو ما يشبه الدراسة..تمارين رياضية و تدريبات مختلفة... ووقت فارغ، الكثير من الوقت الفارغ.. الكثير من الملل الثقيل. وبدأت العلاقات تتوطد...بدأت العصافير على أشكالها تقع، وكنت وحليم عصفورين يقعان على بعضهما...كان حليم صديقي.
 أذكر أنني كنت كثيرا ما اذهب إلى غرفته أو بالأحرى الغرفة التي كان يتقاسمها وخمسة من الزملاء، حيث كنا نقبع على سريره نسمع أغاني "أصالة"، جورج وسوف و أم كلثوم... كان حليم "سمّيعا" يلتقط النغمة الطربية و الكلمة  الجميلة ، مثلي غير انه كان أكثر إحساسا و تأثرا إلى درجة ذرف الدموع... كنت دائما اشعر أن هذا المخلوق يخفي سرا ما ، ذكريات أليمة ، ماض اسود أو شيئا من هذا القبيل.
في احد أيامنا الحالكة من ذاك التربص اللعين...وبعد المنادات المسائية حيث كنا نُجمَّع لتلقى على أسماعنا تعاليم سرمدية  سئمنا من تكرارها، وقبل الانصراف يُوزَّع البريد، قال حليم:
-         " كل الناس يستلمون الرسائل إلا نحن وكأننا مقطوعين من شجرة ، لا احد يفكر فينا أو يتذكرنا " و غنى " متغربين إحنا، متغربين آآآه ، تجري السنين و إحنا، تجري السنين... لا أحد قال عنا خبر يفرّحنا ، ولا احد جاب منك كلمة تريّحنا "
تم الانصراف من التجمع، وذهبت كل مجموعة إلى غرفتها لتستريح من عناء اليوم !!! ونحن في الطريق إلى الغرف خطرت ببالي فكرة ابليسية... قررت أن اكتب لحليم رسالة ليستلمها مثل الآخرين في تجمع مسائي ما ، ويفرح بها وينسى فكرة انقطاعه من شجرة.
دخلت الغرفة...أخرجت ورقة وقلما وبدأت في رسالة ستبعثها فتاة لحليم ، سألني عبد الكريم ، احد الزملاء، ماذا تكتب، حكيت له القصة فأخرج لي مباشرة صورة  فتاة ، كان لعبد الكريم هذا آلاف الصور، ملايين الصور ، فتيات عرفهن أو واعدهن ...وأخريات أغرقهن في بحرمن أكاذيبه ومنهن من أطمعهن بزواج وهمي...أعطاني الصورة ...تأملتها .. لم اهتم لجمالها أو بشاعتها...وإذا بزميل آخر في الغرفة، محمد، يقترح علي تسميتها "نصيرة"... إلتفّ حولي زملاء الغرفة وبدأ كل واحد يدلي بدلوه ، هذا يقترح عبارة ، وذاك يلح على وضع الخطأ الإملائي حتى يكون الانطباع أن الفتاة ذات مستوى متدنٍ...وتمت كتابة الرسالة.
أعدت قراءة الرسالة .... كانت عبارة عن موعد تضربه نصيرة لحليم يوم خميس قادم أمام المسبح البلدي...تُعبِّر له فيها عن إعجابها به من أول نظرة وقد رأته بمعطفه الأبيض الأنيق...لقد خططت الرسالة  بيدي اليسرى حتى  لا يتعرف حليم على خطي كما اجتهدت في ملئها بالاخطاء النحوية و الإملائية وعن عمد جعلت الأسلوب ركيكا ، طفوليا...ولا أنسى عبارة الختام التي أوحى لي بها  محمد، قال لي أن من عادة الفتيات أن ينهين رسائلهن بعبارات تصف مدى ولعهن وشوقهن وهيامهن وكل هذه التفاهات...مثل: العاشقة الولهانة ، عاشقة القمر... حبيبتك إلى الأبد (رغم أنها لم يسبق أن كلمتك آو حتى رأتك)...الوفية لك (الكذب الصُّراح) ، اقترح علي محمد أن اكتب العبارة الختامية بالفرنسية ، فنصيرة هذه ترغب أن يعرف حليم عنها أنها مثقفة !!!، فكتبت : je t’aime pour toujours   غير أن محمد هذا كان بن جني فعلا ، قام بتصحيح الخطأ مقترحا علي آن اكتبها هكذا: je tame pour toujor.
و بُعِثتْ الرسالة ...وتمر أيام قليلة ...و بينما نحن في تجمع مسائي، وقبيل الانصراف بدأ توزيع الرسائل...و يُنطقُ اسم حليم ملعلعا في سماء المدرسة !!! ، و يخفق قلبي ويتبادل زملائي في الغرفة النظرات.... ينطلق حليم مسرعا نحو المنادي... يستعِدّ، يقدم التحية و يستلم الرسالة...يقلبها وهو عائد لمكانه في المجموعة... يفتحها خفية و أنا اختلس إليه النظرات...ونحن في طريقنا إلى الغرف،، قلت له: بالبركة عليك الرسالة يا حليم ، ها أنت تستلم رسالة، أظنك لست مقطوعا من شجرة الآن.
-         لغز محيِّر يا سعيد... والله لغز.
-         ما الخبر؟
-         سأحكي لك لاحقا.
قبيل المغرب ...بعدما استراح الجميع من عناء الجلوس طيلة اليوم !!! اتجهت نحو غرفة حليم،دخلت فإذا بي أجد الزملاء ملتفين... كل يبدي رأيه في الرسالة ...وحليم حائرا،.. منهم من قال له: لا تشغل بالك كثيرا، لن تخسر شيئا إذا ذهبت يوم الخميس للمسبح البلدي و قابلتها.
آخر قال:لا شك أن هذه البنت مخبولة أو مشعوذة تريد أن تعمل لك عملا ... وثالث قال: أنا متأكد أنها لعبة يريد احد الزملاء لعبها معك... استفسرته عن الرسالة مبديا جهلي التام بما يجري، انتحى بي جانبا و أعطاني الرسالة ورحت اقرأ مبديا تعجبي من ركاكة الأسلوب و الكم الهائل من الأخطاء ... وضحكت عند قراءتي للعبارة الفرنسية ... ضحكت فعلا وليس تظاهرا...
سألته: هل تعرف هذه الفتاة؟
-         و أنى لي معرفة جَدِّها؟  وأخرج الصورة من جيبه،،، المسكين حليم ... هاقد شغلت الفتاة حيزا من حياته ...جيبا من جيوبه.
قلت : وما المشكلة إذا؟
-         لست ادري يا سعيد، ولكن الأمر محير، ما رأيك أنت ؟أنا لا أثق في احد غيرك، قد قيل لي أنها لعبة يلعبها معي احد الزملاء... ولكني لا ارى هذا الرأي ،  الم تلاحظ طريقة التعبير ؟ الأخطاء؟ وهذا ليس بأسلوب أي احد من  الزملاء.
-         قلت: لا تعطي للأمر أكثر من حجمه... لقد استلمت رسالة وهذا هو المهم... هناك احدهم قد فكر فيك وأنت لست مقطوعا من شجرة كما كنت تظن... في رأيي آن هذه الفتاة قد رأتك فعلا فسلبَتْها وسامتُك وأناقتُك، خاصة انك كنت ترتدي معطفك الأبيض الذي اشتريته من عين وسارة !!! شخصيا لو كنت فتاة ورايتك بمعطفك الأبيض لهمت حبا بك.
ابتسم حليم... ورأيت بريقا يشع من عينيه... قال:سأكون في الموعد يوم الخميس ، قررت آن أقابلها.
وجاء يوم الخميس...نهاية الأسبوع حيث يمكننا مغادرة المدرسة بحرية طيلة يومي الراحة... وبدأ شعور بالندم يسري في داخلي...أحسست آن الأمور انقلبت إلى جد...احترت كيف أعالجها...كيف أتدارك الأمور، فحليم قد استعد للموعد...اغتسل و ارتدى أجمل ما يملك من ملابس، وطبعا كان المعطف الأبيض اجمل ما يملك من ملابس...وكان عطره يملأ أجواء المدرسة ، وشعره مدهونا وبراقا.
كنت في غرفتي ، وكنت اسمع من خلالها تشجيعات زملائه في الغرفة...ضحكاتهم...وسمعت احدهم يقول له:" حينما تقابلها بلغها سلامي واسألها إن كانت لها صديقة ؟"
و آخر يقول:" شهر رمضان على الأبواب، ألح عليها أن تدعونا للإفطار أوعلى الأقل تحضره لنا".
الأمر فعلا انقلب إلى جد...لابد لي آن افعل شيئا،فالموعد قد حددته نصيرة الوهمية على الساعة الحادية عشرة، وحليم سيخرج الآن...كان من عادتنا آن نخرج سوية لنتجه صوب أي مقهى...نشتري كما من الجرائد، نزور المكتبة الوحيدة بالمدينة... وكنت قد علمّت حليم كيفية تعبئة الكلمات المتقاطعة بالفرنسية كوسيلة لتحسين مستواه اللغوي المخجل  .
أما اليوم فحليم سيخرج لوحده، لا شك آن قلبه سينفجر من تسارع الدقات... أظنه لم يعش هكذا تجربة من قبل.
بدأ الزملاء يخرجون من المدرسة جماعات وفرادى ، ورأيت حليم يمشي لوحده، تبعته وبدأنا نمشي سوية، قلت: ألا زلت حريصا على الذهاب؟
قال: بالتأكيد.
قلت: اعمل برأيي واصرف نظرك عن هذا الموعد التافه، تُراها فتاة طائشة استهزأت بك.
قال: سأذهب، لن أخسر شيئا.
قلت: اسمعني يا حليم ، لا تذهب ليست تلك الرسالة إلا لعبة  قام بها احدهم ، صدقني.
توقف حليم ، نظر إلي نظرة جادة ، مستفسرا: من؟
قلت : احد الزملاء أراد أن يمازحك فبعث لك بتلك الرسالة  بحسن نية.
كسَت وجه حليم مسحة جد مشوبة بغضب ظاهر وقال بنبرة جديدة عليّ : اسمع يا سعيد ، إما آن تقول لي مَنْ أو تنسى أن لك صديقا اسمه حليم...قل لي الآن من كتب لي الرسالة؟
ترددت...خفت من ردة فعله، فحليم كثير الضحك لأتفه الأسباب كما يغضب لأقلها أيضا ، مرهف الحس و العاطفة صديقي حليم.
قلت : أنا من كتب لك الرسالة .
   بينما كنا نمشي جنوبا...استدار حليم شمالا وغاب... لم يقل كلمة ..ولا حرفا....فقط غاب.
 ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*: هذه القصة واقعية، جرت احداثها سنة 1997 بمدينة قصر الشلالة، تيارت، الجزائر
Share: