الثلاثاء، 24 مايو 2011

بيتك الأخير


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
   عمي احمد يعمل نجارا في شركة ناجحة ، خبيرٌ في كل ما له صلة بالخشب، هاهي ساعته قد حانت للتقاعد...يكلم المدير و يخبره عما ينوي فعله فيما تبقى له من عمر ، في رغبته في العيش عيشة هنيّة محاطا بأولاده و أحفاده... وأفضى له أنه سيشتاق لتلك الأجرة الأسبوعية غير أنه مصر على التقاعد .
    تأسف المدير لهذا القرار الذي اتخذه عمي احمد ، شاكرا إياه على تفانيه في العمل طيلة سنين عمله معبرا له أن الشركة لن تجد أبدا من يعوض خبرته و مهارته، وفي الأخير طلب منه خدمة شخصية تتمثل في بناء بيت و ليكن الأخير.
   قبِل عمي احمد طلب المدير و لكن على مضض ، لأنه كان فعلا ينوي الانقطاع كلية عن جو العمل.... وبدأ عمي احمد يشيّد آخر بيت خشبي في حياته..بهمّة وسرعة ...مستعملا في ذلك أي مواد بناء لقفتهما يداه... كل ما كان يشغله هو الانتهاء من بناء البيت و الخلود للتقاعد،وقد غابت عن خلده كلية أن الطريقة التي ينهجها تـُعَد أسوأ شهادة ينهي بها  مساره المهني.  
بعد أسبوع من العمل ، أنهى عمي احمد المهمة التي طلبها منه المدير.   في آخر صبيحة من تواجده الطويل في هذه الشركة ، ذهب و المدير لتفقد هذا البيت، تقدم المدير نحو البيت ، اخرج المفتاح و قدمه لعمي احمد قائلا:  : " تفضل عمي احمد ، هذا هو بيتك ، هديتي لك  " .
صُدم عمي احمد !!!
يا للصدمة ، يا للعار ،، تحسر عمي احمد ، تمنى لوكان فقط  يعلم أنه يبني بيته ، لكان قدم تحفة ، لكان بناه بطريقة مخالفة  تماما ، لكان أفرغ فيه كل ما تختزنه مهجته من خبرة السنين... يا ليته كان يعلم أن ما بناه هو بيته الأخير.

******
أنت تبني حياتك ، يوما بعد يوم ، ولكنك تبنيها بأقل مما تملك من طاقة هائلة مخزونة داخلك، تستعمل أردأ ما تملك من مواد بناء ، و سيأتي اليوم الذي تصدم فيه حين ترى هيئة البيت الذي شيدته، وتتمنى لو يعاد السيناريو لتبني حياتك بطريقة أفضل. ولكن هيهات ، لا رجوع في الحياة.
  كن بناءً، كل يوم يدق مسمارا ، يثبت خشبة أو يهد جدارا...فحياتك هي مشروع بيتك الخاص... ستسكنه غدا ، فأحرى بك أن تبدأ البناء بحكمة.
Share:

الجمعة، 13 مايو 2011

قصة الثور الجالس



ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


أنا من محبي سماع اغاني  الأستاذ الفنان  القدير: وديع الصافي، و أكثر ما يشدني في فنه  تلك المواويل التي لا يجاريه فيها احد على الإطلاق، وقد قال فيه يوما ، هرم من أهرام مصر ، الأستاذ محمد عبد الوهاب:" نحن نطرب الشعب و وديع يطربنا"...لذا فأنا لا أمل ابدا سماع هاتيك المواويل، و من بينها موال رائع يأسرني و يثير في حنينا إلى حب دفين لا أقدر سبر غوره، إنه موال: "لوين يا مروان"... سمعته البارحة .
إليكم بدايته:
لوين يا مروان ع مهلك   لمين تارك ارضك واهلك

 و في مقطع رائع منه يصيح الفنان بحنجرته الشجية:
ها الارض منا ودمنا منها     وغلاتها وخيراتها منا
الحب صورة مصغرة عنها  والعزم صورة مصغرة عنا
فتقفز في ذهني قصة "الثور الجالس" وكفاحه وعناده للغزاة البيض حفاظا على ارض ابائه و اجداده، لذا عزمت على إدراجها اليوم .

 حمي وطيس الحرب بين غزاة أمريكا و الهنود الحمر أصحاب الارض الأصليين .
قبل أن يموت بوقت قصير ، ينادي شيخ القبيلة  ابنه المسمى " الثور الجالس" ليلقنه وصيته.
"يا ولدي،عن قريب سأوارى التراب و أعود لأمنا الارض" ثم اضاف " حينما أغادركم ، ستصبح هذه السهول و المروج الخضراء ارثكم،  لم اترك لكم مالا و لا ثروة، والقوة التي تركتها فيكم ليست للفخروالادعاد انما هي مسؤولية "
" تركت بين يديك قومنا و قبيلتنا و التراب الذي تمشي عليه... اتمنى ان تكون بقدر هذه المسؤلية واهلا لهذه المهمة.. عن قريب سياتي الرجل الابيض... سيحيط بنا ويحاول شراء امنا الارض. تذكر ان عظامي تنام هنا و انني جزء من امنا الارض"
شد "الثور الجالس" يد ابيه و ضمها الى صدره وعاهد ان لا يبيع ابدا ارضه.
ويأتي الرجل الابيض...يحاول شراء الارض...يراوغ...يساوم ...يهدد...وزعيم القبيلة "الثور الجالس" يرفض الصفقة. يحتدم النزاع...تراق دماء..تقطع اشلاء...والثور لما يزل على عهده ...الى ان يخسر معركة امام الجنود الامريكيين... ويتم أسره ...
خلال أسره...سألوه...ما الذي جعلك تكافح بكل تلك الحمية مع علمك ان قضيتك خاسرة ؟
رد: " و هل يبيع الرجل عظام ابيه؟؟؟؟؟ لا ينبغي ذلك ابدا ".




Share:

الأحد، 8 مايو 2011

هناك من يدرك الفرق

حلّ السيرك بالبلدة ... أخذ ابنيه الصغيرين  ليتفرجا و يتمتعا...عند باب الدخول يسأل البواب عن ثمن تذكرة الدخول.
-         "200 دينار للبالغين ، 100 دينار للأطفال ذوي أكثر من ست سنوات ، أما من هم دون الست فالدخول مجاني"
-         " هذا يبلغ من العمر خمسا و الثاني سبعا ، إذا ادفع ثمن تذكرة الثاني ".
-         " هل أنت أحمق؟؟؟  كان بإمكانك توفير 100 دينار لو أنك قلت  ابنك  الثاني يبلغ اقل من ست سنوات ، لم أكن أبدا لأدرك الفرق بينهما".
-         " ممكن ...و لكن الطفلين يدركان، وستحفر الكذبة في ذهنهما إلى الأبد وأكون قدوة سيئة لأطفالي".



Share:

الخميس، 5 مايو 2011

الصدقة و الجزاء

خالد تاجر غني ، يرأف  لحال  مصطفى،  الشاب الفقير  المنهمك بحفظ القرآن، كل ليلة في جنح الظلام  يقصد بيته القصديري و يضع تحت بابه وريقات مالية أو قطعا نقدية... ويلاحظ انه  كلما تصدق على مصطفى كلما بوركت تجارته و ازداد ربحه.
يتذكر خالد أن الشيخ عبد الرزاق ، فقيه البلدة الصالح هو من يتكفل بتعليم الشباب و تحفيظهم القرآن و مصطفى أحد طلبته و مريديه... يفكر بينه و بين نفسه:" إذا كنت أجازى كل هذا الجزاء الوفير لأجل مساعدة المريد و التصدق عليه ، فبالتأكيد سيكون جزائي أوفر و أكثر لو ساعدت شيخه و تصدقت عليه "
 ولا يضيع الوقت ... من الفكرة للتطبيق  يزور خالد الشيخ عبد الرزاق ... يغدق عليه ... يغمره بعطاياه وهداياه  ليلاحظ بعد فترة ركودا في حركة تجارته  ثم تدهورا .. إلى أن شارف على الإفلاس.
مهموما بأمر تجارته و انحداره نهو الهاوية ... زار التاجر الشاب الفقير و أفضى له بالحكاية كاملة....
" الأمر جد عادي و بسيط " رد عليه مصطفى.... " كنت تعطي بحسن نية وصفاء قلب دون انتظار عائد أو مقابل ، و كان الله يجزيك من جنس عملك. أما وقد زرت شخصا مشهورا لتعطيه من هداياك فإن الله عاملك بالمثل ".









Share: