الاثنين، 6 نوفمبر 2017

ضفدعة بادود


بعد توقف المطر عن الهطول خرج الكُبْ يجري  وعند منعطف الزقاق قابل بادّي السرج.
لا أحد يعرف لماذا أطلق على عبد القادر لقب "الكُب" أما بادّي السرج فاسمه بارودي وكان يحب وضع سرج على حمارهم فألصقوا به لقب السرج. انطلقا يعدوان نحو مكان تجمع مياه البلدة المسمى "لازيقو".
لازيقو مكان تجمع المياه والأطفال شتاء..فرصتهم الوحيدة للملة الأقلام والممحات وأقلام الرصاص وكل ما يفيض به أكبر مجرى في البلدة.
قال بادّي: أنا سأراقب مخرج المياه وأنت ترصد هناك عند الـــguelta.
أخذ الكب مكانه حيث أشار عليه بادي، وبيده عصا غليظة ينبش بها الطين. وبينما المياه تفور فورانها وتهدر هدير النهر الهائج قفزت ضفدعة قرب الكب. انقض عليها صائحا "ضفدعة يا بادّي !! 
-         أمسكها ولا تتركها، انا آت.
وجاء بادود، هو كذلك اسمه بارودي وينادونه بادود...ودخل معهم بادود اللعبة دون مقدمات.
حمل بادّي الضفدعة في كفه ثم قلبها على ظهرها وقبّل بطنها سبع قبلات متتاليات ثم اعطاها للكب  الذي مارس نفس الطقس على الضفدعة المستسلمة. ومن يد الكب انتقلت الضفدعة إلى اليد الثالثة، يد بادود.
"تقبيل الضفادع في بطنها أفضل طريقة لتعلم العوم"  يقول بادّي السرج ويقول " أن أخاه محمد كانت له أكبر ضفدعة في العالم وكان يُقبل بطنها سبع مرات كل يوم لذلك أصبح من أمهر العوّامين ، حتى انه يستطيع العوم في الماء الأزرق".
*****
كان الأطفال الثلاثة لا يفترقون، بادّي والكب وبادود.. وكان وادي سيدي البارودي هناك ينتظرهم.
 في يوم قائظ تسلل كل واحد منهم في فترة المقيل وانطلقوا نحو الوادي.قرب الجدول تجرد كل منهم من ملابسه، بادود لم يكن له تبان فقام بطي سرواله ثلاث أربع طيات إلى الأعلى من ساقيه...وراح بادّي يبتدئ طقوس العوم.
كانت الحجيرات السبع شبه متساويات الحجم في كفه اليسرى.مسك الحجيرة الأولى في كفه اليمنى وصاح " اخرجوا أيها الجن وادخلوا أيها الملائكة" ورمى بها في وسط البركة، ثم الحجيرة الثانية فالثالثة ، إلى أن رمى بالحجيرات السبع.
عند رمي الحجيرة السابعة تأكد الأطفال الثلاثة أن لا جن في البركة لذلك قفز الملائكة ثلاثتهم صائحين في البركة، وراحوا يصرخون ويغطسون ويمارسون فن العوم الذي استلهموه من الضفادع التي لطالما قبّلوا صفحات بطونها.
خرج بادي من البركة واستلقى عاريا على التراب بينما الكب وبادود يتقافزان في البركة وفي لحظة فارقة قام وخلع تبانه واستلقى عاريا وطلى جسمه كله بالحمأ الأسود  ثم قام وراح يقفز ويدور حول نفسه صارخا محاكيا حركات الهنود الحمر...أعجبت الفكرة الطفلين الآخرين فخرجا من البركة وتجردا مما كان يرتديان وفعلا مثلما فعل بادي...
كانت الشمس تلهب وكان الملائكة السود الثلاثة وحدهم على حافة الوادي ينطون ويصرخون عُراة...وحدهم يتدافعون ويتساقطون ويضحكون.
Share:

0 التعليقات:

إرسال تعليق